⇄
المولي عز وجل خلق كل شي بحكمته وأمره أي لا يخلق شيئا عبثا ، فكل ما في الوجود فهو بقدرته ومشيئته .
قال تعالى :
( اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ )
وقد اقتضت حكمته البالغة خلق الأضداد ، فخلق الملائكة والشياطين ، والليل والنهار ، والطيب والخبيث ، والحسن والقبيح ، و الخير والشر ، كذلك الاختلاف فى الابدان والألوان والعقول بين البشر ، فجعل منهم الغني والفقير ، السليم والسقيم ، العاقل و غير العاقل
جميع الأديان السماوية تحرص على دمج فئة الاحتياجات الخاصة فى المجتمع ومن حقهم في العيش الكريم و بإحترام وتلقي التعلم والرعاية الصحية والاجتماعية وكذلك العمل فى المجالات التى يتقنونها ، بالإضافة إلى الحق في بناء الأسرة والزواج و الإنجاب
لذلك فأن دمجهم في المجتمع يعتبر ضرورة لهم ليعيشوا حياة كريمة ، فجميع الأديان لم يفرِّق بين طفل وآخر سواء على المستوى الديني أو الإنساني، فالأطفال كلهم سواء فى نظر القلوب الرحيمة ، فهناك من يوُلِدَ كامل الخلقة مُستقيم البنية ، وآخرون ابتلوا ببعض الأمراض أوالإعاقات الجسدية التي تبدو لنا في الخلق
( اقدر أتسوق مع عيالي )
بادرة متميزة وموفقة قامت بها أسرة الوجيه / نصرالله سيد حميد بهبهاني وحرمه السيدة/ إقبال سيد إسماعيل وأبناءهم ،
فمنذ 16 سنة مضت تكفلت أسرة بهبهاني بالعمل التطوعي لخدمة أهل الهمم ،
وفى السنوات السبع الماضية أطلقت هذا الشعار الجميل :
( اقدر أتسوق مع عيالي )
بالتعاون مع جمعية الدعية التعاونية ومع مجموعة الدعية معاً للأفضل قاموا بعمل مهرجان للتسوق لأهل الهمم مع اهاليهم في الجمعية الرئيسية وذلك بهدف دمجهم في المجتمع وتسهيل طرق التسوق لهم ولفت انتباه المجتمع إلى هذه الفئة كونها صاحبة إرادة وأنها يمكن الاعتماد عليها ، وبمقدورها لعب دورها في المجتمع
و تميزت تلك الفعالية بحضور كبير من أفراد ذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم الكريمة و عدد من الشخصيات العامة وأهالي منطقة الدعية.
وتم تحديد ( يوم ) للتسوق لأبنائنا من ذوي الاحتياجات الخاصة مع أسرهم الكريمة
وتم منح كل فرد منهم كوبون مشتريات بقيمة ٥٠ دينار كويتي للتسوق في الجمعية ، وكذلك يشترط حضور أصحاب الاحتياجات الخاصة برفقة أسرهم ويمنع مرافقيهم من العاملين المنزليين
و شارك الجميع في التسوق من مرتادي الجمعية وأصحاب الهمم ، وتلاشى الشعور بالحرج والخجل من أهل الهمم وأسرهم و بالمقابل تقبلهم مرتادوا الجمعية الآخرون ، فلا عقبات ولا خوف ولا ترقب ، الكل كانوا يقومون بشراء احتياجاتهم بشكل طبيعي ،
وتلك المبادرة الشخصية لتشجيع كل أفراد الأسر بان يتجنبوا الخجل والعزوف ويمارسوا الحياة الاجتماعية مع أبنائهم بكل أريحية
وفى الختام تم التقاط الصور التذكارية الجماعية والخاصة لكل أسرة مشاركة مع أبنائهم
وقد كانت هناك مجموعة من المتطوعين الذين كانوا يقومون بعمل مميز لانجاح تلك الفعالية لتعزيز الاستقلالية وتحسين نمط حياة ذوى الاحتياجات الخاصة واختلاطهم بالمجتمع
قصة من الواقع :
قبل سنوات طويلة مضت كنت أتسوق بالجمعية التعاونية في المنطقة التي كنت أسكن بها ، وعندما كنت واقفاً بجانب المحاسب لدفع القيمة المالية لمشترياتي ، سمعت بكاء وصراخ احد المشترين الصغار وكان في حدود التسع سنوات من العمر، وقد تجمع حوله بعض العاملين
أستفسرت عن الأمر ؟
فقيل لي بأن الطفل قد أخذ بعض المشتريات ولا يملك المال ونريد أن نسترجعها منه وهو يرفض ذلك ؟؟
ولاحظت بأن الطفل من أهل الهمم ويعاني من إعاقة ذهنية متوسطة
فتكلمت معه وقلت له أتريد تلك الحاجيات ؟؟
فقال : نعم .
فقمت على الفور بدفع المبلغ وإبعاد العاملين المتجمهرين عنه ، وفجأة تغيرت ملامحه من الغضب إلى السرور ، و من الصراخ إلى الابتسامة والفرح ، وقبل ان يهم بالمغادرة وضعت مبلغ مالي بسيط في جيبه وقلت له دع المبلغ معك للضرورة قد تحتاج إليه فشكرني وغادرنا
وبعد مرور سنوات طويلة ، ربما اكثر من خمسة عشر سنة ، وقفت بمواقف الجمعية وهممت بالتوجه إلى السوق فتفاجأت بما رأيت !!!
شاهدت شاباً يافعاً يجري سريعاً ناحيتي بطريقة غير سوية ، فشعرت بالقلق فوقفت في مكاني وأخذت حذري .. والشاب مندفع باتجاهي وعندما اقترب مني احتضني بكل قوة مما أدى إلى سقوط العقال والغترة من على رأسي على الأرض … وكان الشاب فرحاً وهو يوجه كلامه إليّ ويقول :
عرفتني عمي ؟؟؟
وأنا لا أتذكره !!
فقال أنا الذي دفعت ثمن حاجاتي التي أخذتها من السوق وأعطيتني مبلغاً مالياً !!!
لقد افتقدتك كثيراً وكنت ارتاد الجمعية مترقباً رؤيتك طوال تلك السنين !!
وهنا تذكرته وكان قد أصبح شاباً يافعاً وتحولت مشاعري من الدهشة والقلق إلى مشاعر الفرح والامتنان .
بالفعل تلك الفئة من الأذكياء وقلوبهم نظيفة وصافية ، ان اختلطوا بالمجتمع فإنهم لن يشعروا بانهم يعانون من أية إعاقة ، ولذلك المطلوب من الجهات الحكومية العمل على الاهتمام بتلك الفئة
وكما هو معروف بأن الأمم المتقدمة تقاس بقدر إهتمامها بأفرادها وخاصةً ذوي الاحتياجات الخاصة ، لذلك الأمم تحرص كل الحرص لرعاية هذه الفئة التي تحتاج منا كل إهتمام ورعاية ، فهؤلاء لهم حق علينا وفي ذمتنا
ختاماً
لله الحمد الكويت أولت اهتماماً كبيراً لتلك الفئة ونتمنى بتقديم المزيد من الاهتمام ، خاصة" في هذه النقاط التي سنذكرها :
1- تدريب طاقم الطيران الحكومي (الخطوط الكويتيه) للتعامل مع حالات ذوي الاحتياجات الخاصة (توحد - داون سندروم … ) الأغلبية من ذوي الاحتياجات يخافون وتنتج عنهم سلوكيات قد تكون غريبة للبعض مثل عض اليد أو الصراخ أو ضرب الكتف بالكرسي
2- زياده عدد المدارس التي تهتم بدمج طلاب الاحتياجات الخاصة التي تقبل أن تختلط بالمجتمع ,( توجد مدارس خاصة لهذه الفئة ولكن شروطها تعجيزية ، فهي تريد استقطاب الطلاب شبه الطبيعيين بدون أية سلوكيات سلبية وهذا شبه مستحيل ، فطلاب فئة الاحتياجات الخاصة أو التوحد أو من يواجهون صعوبات التعلم أو داون سندرم يحتاجون إلى الدعم المعنوي واللفظي والسلوكي في جميع مراحل الدراسة
وبنفس الوقت لا نريد لهذه السلوكيات الخاطئة أن تعيق عملية التعليم ( في حالة أن كان الطالب يستطيع تعلم المواد العلمية والدراسية )
3- زياده المرافق لذوي الإحتياجات الخاصة
( أماكن ترفيهية وبأسعار رمزية أو مقبولة ) حيث أنه حالياً أي نشاط يخص هذه الفئة في الكويت أسعاره باهظ الثمن وليس بإستطاعة أي ولي أمر تحملها ، ومن حق هذه الفئة الترفيه وممارسة النشاط التي تناسبها بشكل يومي
4- تدريب معلمي المدارس الحكومية بالتعامل مع المشاكل السلوكية لهذه الفئة ووضع خطط تربوية سليمة واستخدام وسائل تعليمية لعلاج سلوك هؤلاء الطلاب من فئة الاحتياجات الخاصة ,المدارس تضج من سلوكيات غير مرغوبة واختصاصية اجتماعية واحدة لا تكفي ، فمن الجيد تدريب المعلمات على التصرف بحنكة اثناء ملاحظتهن وجود سلوكيات سلبية . وليكن هذا التصرف لعلاج هذه المشاكل في نهاية الحصة لكي يتم تدارك الموقف وعدم ارباك باقي الطلاب
5 - توفير مسابح -أماكن للمشي - نوادي رياضية - مساحات خضراء آمنة لفئة الاحتياجات الخاصة فالرياضة ضرورية جدا ولكن للأسف النوادي لا تتقبل وجود ذوي الهمم فيها وهذا واقع ملاحظ ، ناهيك عن أن أحواض السباحة تكون موسمية والأماكن محدودة جدا وغير مجهزة لهذه الفئة
6- توفير متخصصين للعلاج الحسي لطلاب التوحد حيث ان هذا العلاج باهض الثمن ومكلف بشكل كبير فنرجوا توفيره
7- أبعاد تلك المرافق عن المحسوبية والواسطة .
فكل الشكر والتقدير لكل من يقدم الجهد الكبير والعمل الإنساني الخاص لوجه المولى عز وجل دون ملل أو كلل فبمجهودكم نرتقي بأبنائنا فهنيئاً لكم هذا العمل والذى يحسب لكم في ميزان حسناتكم لمساعدة وتذليل الصعاب لأبنائنا من أصحاب الهمم
اللهم أحفظ الكويت آمنة مطمئنة ، والحمد لله رب العالمين
هل أعجبك؟
شاركنا تقييمك
أضف تعليقك
جميع الحقوق محفوظة
2025 © دار الحكمة