⇄
مضي 36 عاماً من تعرض دولة الكويت للغزو الغاشم من النظام العراقي البائد ، عشنا خلالها أيام مريرة ولنا فيه ذكريات مؤلمة لا تنسي ، تجلت خلالها بطولة ومعدن الشباب الكويتي سواء من شارك بالمقاومة المسلحة أو من قام بشتي الأعمال الخدمية والضرورية في الوطن وكل ذلك من أجل الكويت
وبالرغم من بعض المواقف السلبية من بعض الدول في جامعة الدول العربية إلا ان الكويتيين كانوا مؤمنين بالمولي عز وجل وبأن الأزمة ستنجلي ، والكابوس سينتهي ، صمدوا وثبتوا في الوطن غير مبالين بالخطر يحملون حب الوطن في قلوبهم
في يوم الأربعاء 1/8/1990 أنتهي لقاء جدة بين الكويت والعراق الساعة ال 10 مساءً ، على أن تستكمل المباحثات في بغداد ، ولاحقاً في الكويت وفقاً للاتفاق بين الطرفين
وبعد مرور 4 ساعات وفى تمام الساعة الثانية فجراً من يوم الخميس الأسود الموافق 2/8 ، بدأ الغدر وتم غزو دولة الكويت واستولت القوات الغازية على كافة المؤسسات الحكومية والأهلية
وأذيع البيان المشؤوم بسيطرة القوات الغاشمة على كامل الأراضي الكويتية وبغفلة وغدر من الزمن
تم تشكيل مقر حكومة الكويت في الطائف ، حيث تابعت الحكومة الطارئة أحوال المواطنين في الخارج وفى الداخل ، وتم تزويد المواطنين بالمساعدات المختلفة وإصدار النشرات والبث الإذاعي اليومي ، وكان التواصل بين القيادة الشرعية والصامدين في الكويت مستمراً
( من رحم المآسي يولد الأمل )
سطر أبناء الكويت البررة مواقف مشرفة في اشد الظروف آلاماً عندما أستبيحت أراضيها ، واستشهد أبناءها دفاعا وحباً للوطن العزيز ،
وبرز من أبنائها أبطال نفتخر بهم ، ثبتوا وعملوا ودافعوا عن الوطن دون ان يتباهوا بما فعلوا، ولم يفخروا بما قدّموا ، بل أنكروا ذواتهم وكتموا أعمالهم ، وابتغوا وجه ربهم الذي لا يُضيع أجر من أحسن عملا ، والذي يعلم السر والنَّجوى
عندما استبيحت الأراضي الكويتية وتعرضت لغزو بربري ، غادر غالبية الوافدين العاملين في الدولة عائدين إلى دولهم خوفاً على حياتهم وحياة اسرهم ولا لوم عليهم وهذا من حقهم المشروع ، والجميل في هذا الأمر هنا ان الكويتيين بجميع أطيافهم ( حضري ، بدوي ، سني ، شيعي ) هم من أداروا جميع الاعمال عوضاً عن ذلك الرحيل الجماعي , فعملوا في جميع المهن من ادناها بدءا من قيادة سيارات نقل القمامة من مناطق الكويت الى موقع المحرقة ، الى إدارة جميع الأنشطة المهنية والخدمية ، فالاعتماد كان على أبناء الوطن الذين عملوا دون انتظارٍ للأجر بل العمل كان خالصاً لله والوطن في ظل هذه الظروف الاستثنائية
مصابنا كان كبيراً ، عانينا لمدة 7 شهور متتالية ، فيها الكثير من الأحداث والقصص المؤلمة ، فلقد كان الغزو طعنةً بالظهر من جار غدر بجاره ، يصعب علينا نسيانه ، والأجمل بأن الغزاة لم يتمكنوا أبداً من إضعاف جبهتنا الداخلية ، بل العكس زاد الغزو من تماسك وتكاتف وتلاحم شعبنا فكانوا أسرة واحدة يساعد ويساند بعضهم البعض ، متعاونين و متعاضدين ومساهمين جميعاً في حفظ دعائم استقرار وطننا العزيز ، ولله الحمد أثبت الكويتيون وفاءً منقطع النظير للوطن
مواقف مشرفة بالرغم من تبعياتها الخطرة
-العصيان المدني
- عدم تغيير لوحات السيارة
- الاحتفاظ بالعملة الكويتية
- الاحتفاظ بالعلم الكويتي
-الاحتفاظ بصور الأمير الشيخ/ جابر الأحمد وولي عهده الشيخ /سعد العبدالله طيب الله ثراهم
أخت الرجال :
رحم الله والدتي العزيزة ، فعندما اجتمع الاشقاء في الأسرة خلال الغزو ، واتفقنا بأن يغادر النساء مع الأطفال والاخوات خوفاً على حياتهم ، وعندما طلبنا منهم ذلك … قالت والدتي :
“ لن نترك الكويت في هذه الظروف بل سنبقى معاً في الديرة نموت او نحيا معاً “
وهذا ديدن كل نساء الكويت الحبيبة وبمواقفهم الراسخة هذه استمدينا قوتنا ولم يرهبنا الغزاة ولم نركع او نستسلم وكنا مقبلين على الموت دون خوف
مصداقا لقول الشاعر :
“ الأمُ مدرسةٌ إذا أعددتها… أعدت شعباً طيب الأعراق "
البث الإذاعي الكويتي
كانت الصرخة الكويتية ( هنا الكويت ) مدوية لم يتمكن الغزاة من خنقها ، بالرغم من احتلال مبني الإذاعة والتلفزيون الرسمي ، أستمر أبناء الوطن البث عبر عدة أمكان مختلفة بدأت في الجيوان ، ثم انتقلت إلى استديو الدسمة ، ثم استخدمت سيارة النقل الإذاعي المؤقت ، والانتقال إلى منطقة صباح السالم ، ثم إلى الخفجي وأخيراً إلى مبني الإذاعة القديم في الدمام .
بدء الأحداث الدولية :
1/ أصدر مجلس الأمن في 29/11/1990 القرار رقم ( 678 ) حدد فيه تاريخ 15/1/1991 موعداً نهائيا للقوات الغازية للانسحاب من الكويت
2/ في يوم الخميس 17/1/1991 انطلقت الحرب الجوية ( عاصفة الصحراء ) معلنة بدء حرب تحرير الكويت
3/ في 24/2/1991 بدأت الحرب البرية
ولم تكن تلك الأحداث مغيبة عنا, بل كنا نتابعها من الداخل من خلال النشرات الإخبارية السرية ، ومن خلال المذياع ( الراديو ) أولاً بأول وتلك الاخبار كانت تخفف عنا الألم والقلق
الشعب الكويتي سطر أروع ملحمة من التضامن ، والتعاون ، والوحدة الوطنية ، في تلك الظروف الصعبة ، رصوا صفوفهم ضد الغازي المحتل كسد منيع ضد كل من يحاول بث الفتنة بيننا ، وتفوقوا في صد العدوان الذي أراد طمس تاريخ شعب وإبتلاع جغرافيا وطن حتى انتصر الحق ، وعادت الكويت حرة أبية في فجر يوم 1991/2/26
اللهم أحفظ الكويت آمنة مطمئنة ، والحمد لله رب العالمين
هل أعجبك؟
شاركنا تقييمك
أضف تعليقك
جميع الحقوق محفوظة
2025 © دار الحكمة