⇄
متحف البيت الكويتي القديم
هل سيرى النور ؟ !
بقلم وتصوير : أبرار أحمد ملك*
" التراث " ، من المعروف إن هوية الأوطان حضاراتها وتراثها ... الخ ، فهم الثروة
هل سيرى النور ؟ !
بقلم وتصوير : أبرار أحمد ملك*
" التراث " ، من المعروف إن هوية الأوطان حضاراتها وتراثها ... الخ ، فهم الثروة الحقيقية الباقية على مدى السنوات والشاهدة على كيانها وتأسيسها ، لذا جاء حرص البلدان المتقدمة والراقية على منحها الاهتمام الكبير ، وتسعى الجهات المختصة بها بالعمل على المحافظة عليها من الاندثار والتلف والسرقة والإهمال ، وليس هذا فحسب تجد أيضا اهتمام كبير ومشهود به من قبل الباحثين والمؤرخين والهواة ، وهم يمنحونه الكثير من الجهد والمال دون دعم من قبل أي فرد أو جهة ، ما يدفعهم لذلك حبهم لبلدهم وتاريخه وتراثه تجدهم أسسوا المتاحف والمكتبات في منازلهم وفاء منهم أيضا لمن رحلوا ، ولكي يعلم أبناء اليوم تاريخ وطنهم ويروا ما قد تبقى منه ، " والتراث " ربما يسأل البعض منا عن مفهوم هذه الكلمة نستطع باختصار أن نقول إنه خلاصة ما خلفته وورثته الأجيال السابقة إلى الجيل الحالي ، كي يكون عبرة من الماضي ونهجا حقيقي يتعلم منه الأبناء الدروس ليعبرن بها إلى المستقبل ، وإن التراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة كلما غاصت وتفرعت جذورها كانت أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمن ، وأما من الناحية العلمية فإنه علم ثقافي قائم بذاته يختص بقطاع معين من الثقافة التقليدية أو الشعبية ، ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية ، ومن المعروف إن " الكويت " ، تعتني بذلك الأمر ومازالت تعمل جاهدة حرصا منها على أهميته المحافظة على كل ما يتعلق بتاريخها وتراثها ، فجاء تأسيس " المتاحف " ، والعمل على المحافظة على ترميم " المساجد ، وسوق المباركية ، والمدرسة المباركية " وأيضا " سوق المباركية " وبيت " السدو وبيت ديكسون " وتأسيس " قرية البحار وأيضا المقاهي الشعبية " ... الخ ، وأولى " المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب " ، اهتمام كبير بهذا الجانب " ورحلة إحياء ذكرى الغوص التي ينظمها النادي البحري الرياضي الكويتي " وغيره ، اليوم نتوقف عند " بيت الحسينان "
الذي إن أجاز لنا التعبير إن نقول حديث الشارع ، وتحدث عنه المهتمون بوسائل " التواصل الاجتماعي " بالإضافة إلى " الجمعية الكويتية للتراث " ، ممثلة برئيسها السيد فهد غازي العبد الجليل ، والقنوات التلفزيونية والصحف ، وإيمانا من أسرة " جريدة دار الحكمة الإلكترونية " ، بأهمية كل ما يتعلق بتاريخ وطننا الغالي كان لنا هذا اللقاء الخاص مع السيد علي الحسينان صاحب البيت
هذا هو بيت " والدي عبد الرحمن علي الحسينان – رحمه الله تعالى – " ، واسم المنطقة " الفيحاء " أعتقد سميت بذلك بعام 1954 م – 1955 م ، وقبلها كانت ترمز إلى الأحرف الإنجليزية على سبيل المثال " I أو H " ، لتأتي الأسماء الأحدث فيما بعد وتسمى المناطق بها كمنطقة غرب مشرف ، بيان ... الخ
يعود تاريخ بناء البيت لعام 1958 م ، حتى بمخططات البلدية نفس الشكل الحالي للبيت ، كما ترينه الآن لم يتغير أبدا كما هو حاولت الحفاظ عليه كما هو ، وقد جاء قرار انتقالنا لسكن بمنزل آخر بعام 2013 م ، البيت قام شقيقي " بتسقيف " الديوان ووضع " التكيف " ولو قمت بنزع " السقف " يعود البيت إلى كما كان لم يتغير شيء بالبيت ولا بغرفة
قام والدي بشراء المنزل من أحد العوائل ، وفي المدارس يدرس شكل البيت وما يحتوي عليه من غرف وأدوات وما هو استخدام كل منها ، وأذكر إن جيرانا قاموا ببناء " الجندل " ، ومن ثم صدر قرار بمنعه استخدامه بالبيوت لأن عمره الافتراضي قصير وخطورته تظهر أثناء الأمطار ولا أعلم عن بقيت الأخطار التي عرفها المسؤولين ليصدروا
القرار
كان ثمن البيت بذلك الوقت سبعة الآلاف وسبعمائة وخمسين ، وكان مبلغ عالي جدا آنذاك ، يعود السبب بذلك لموقع البيت زاوية كما ترين ومساحة بيت مثله قرابة بيت مثله 500 متر ، ولكن موقعه هو السبب بإعلاء قيمته
البيت الكويتي القديم
البيت أول ما تدخلين من المدخل الرئيسي ، وطبعا البيت له مدخلين ، هو المدخل الرئيسي الدهليز أو الدهريز الذي يفصل " السكة " عن حرم البيت ، الذي يضعون خشب ساتر يفصل المدخل عن البيت ، فور دخولك له تجدين الليوان لحماية الغرف من الشمس تدخل للغرفة توضع بالجهة التي تضرب الشمس من الجهة الجنوبية لدينا ومن الجهة الغربية التي تسمى بـ " جبلة ، قبلة " لذلك ترين الليوان في الجهة الشرقية جهة الشرق ، كهذه التي ترينها لا توضع ، إلا شيء بسيط كهذه لأن بمجرد أن يؤذن الظهر لا توجد شمس
الغرفة تكون في الطابق العلوي " بالسطح " هذه تسمي الغرفة ، أما المتواجدة في الطابق الأسفل تسمي الدور أو الحجر ، هي بشكلها البسيط واحدة للأولاد – الصبيان - ، البنات ، الأب والأم ، وأخرى استقبال أو معيشة أو تسمى دار التلفاز
أيضا " الحوش " ، كان في البيت " حوش " صغير نسميه بـ " حوش الغنم " ، يكون في الزوايا يكون في طرف البيت تشاهدين ذلك الباب الصغير علي اليمين ، وفي مخطط " البلدية " لا يوجد شيء اسمه " حوش الغنم " بل حمام ، ونحن نغير استخدمه ، وكان لدينا " الدجاج والغنم " ... الخ ، وذلك حتى عام 1990 م ، أيضا كنا نضع " الحمام فوق السطح " ، وقد رأيت ذلك .
" الكنكية " ، هي مخزن ، كانت تبنى فوق الحجر ، ويتم تخزين كافة المواد التي لا يحتاجها أفراد المنزل من الملابس ، والفرش ، ... الخ ، وهناك منها تستخدم بأوقات معينة يتم إنزالها بوقت الحاجة
"
البرجة " ، استخدمت لما قبل عام 1980 م ، تقريبا ، وفي عام 1990 م – 1991 م ، بدأت المياه تصلنا سواء الماء " الحلو أو الصليبي " ، فانتهى أمرها ومن فوائدها أيام الاحتلال العراقي قمنا بتنظيفها ، وحينما فتحناها وجدنا الفتحات فيها ، تنزل فيها مياه الأمطار على حسب المرازيم أسفل كل منهول " يصب بها ماء المطر ، ووضعنا فيها المضخة ، ومنها قمنا بتوزيع الماء على أبناء الجيران
كل شيء بسيط جدا ، " الكاشي – البلاط " القديم موجود في السابق كان لونه أصفر أو برتقالي فاتح ، واليوم عاد الناس لاستخدامه مجددا ، ولكن احتاجت أرضية " الحوش ، – وعزك الله – مياه المجاري " ، كنا نضعه في مكان مخصص لها ومن ثم تسحب بسيارة " تنكر المجاري " ، قمنا بكسر الأرضية وتمديد " البايبات " ، فتم تعديله بالمنزل لأن من الصعب التحمل ، إلا إن البيت بقى كما هو وحينما حضر ممثلو " المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب – إدارة الشؤون الهندسية والمعمارية " ، بلغونا بأن البيت من البيوت القديمة التي لم تتغير ، فهناك بيوت أدخل أصحابها الحداثة بها إلا نحن البنيان كما هو والليوان وكل شيء الغرف كما ترين كما هي
كانت ابنتي في المرحلة الابتدائية وصادف أن يكون المقرر الدراسي عن " البيت الكويتي القديم " ، فأخبرت المعلمة بأنها تعيش فيه ، لم تصدقها المعلمة فكيف لهذه الطفلة أن تعيش بمثل هذا المنزل اليوم بوقتنا هذا فيه استحالة ، حينما أخبرتني ابنتي قلت لها لا تستغربي فمعلمتك هي من استغربت كيف تعيشين في بيت كهذا في هذا الوقت ، وهي بنفسها وربما حتى والدتها لم تعش به
أصبح البيت للورثة بعد وفاة والدي ، هنا فضلت أن أستدخله ، فقمت بشرائه منهم ، وفي الـ 23 فبراير كان موعد هدمه ، جاءني أحد الأشخاص لتصويرة ، ومن ثم انتشر المقطع ، ليأتي لي من يطلب مني التوجه إلى " المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب " فهي الجهة المعنية بالأمر ، أجبته بأني لم أكن أعلم بذلك ، واتجهت إليهم فورا ، وبعد إخباري لهم بالأمر أرسلي لي المختصين من المهندسين في الـ 7 / 3 ، وصنف البيت بالدرجة الثالثة فهو مبنى ذي أهمية متوسطة ، ومن الأمور المهمة أن تهتم الدولة في " بيت تراثي " والدولة بحاجة لمثل هذا البيت ، هذا ما ذكروه بتقريرهم ، وإننا كمالكين عملنا على المحافظة عليه ، وإنه يجب على الدولة المحافظة عليه كالبيوت التراثية الموجودة وينطبق عليه قانون الآثار وينطبق عليه أيضا كل الشروط ، ولم يتأثر ويستخدم فيه أي مواد إضافية حديثة للمحافظة عليه ، ولم تدخل أي إضافات عليه من ناحية البنيان
لقد اتجهت للجهة المختصة رغبة مني بالمحافظة على جزء من تراث وطني للأجيال ، إن حدث وتم استملاكه من قبل الدولة كان بها وإن لم يحدث سيتم هدمه وبناءه من جديد ، لقد قمت بوقف قرار الهدم ، ولدي تصريح بهدمه بأي وقت أرغب الوضع قائم ، أشكر كل شخص اهتم بأمر هذا البيت وأشكر الأستاذ فهد العبد الجليل رئيس " الجمعية الكويتية للتراث " ، - جزاه الله خير - ،
طالبا مني التريث بتطبيق القرار والشكر موصول لكافة الزملاء الباحثين والمهتمين ، المتعاونين كل شخص نشر صورة ومطالبة " والجمعية الكويتية للتراث " أصدرت بيان بهذا الشأن ، وكما ذكرت بأنه أصبح حديث الشارع ، ومن المؤسف أن تمنح الأموال لأمور أخرى غير مهمة مبالغ ضخمة ، وتترك مثل هذه الأمور ، يجب علينا المحافظة على الهوية الكويتية ، الأمر والحكاية ليست " بيت الحسينان " ، وإنما على هوية بلد ، فالبيت ليس فقط بنيان كلا ، وإنما كيف كان يعش أهلنا في الماضي ، لماذا " الدرايش – النافذة " يتم وضعها بهذا الارتفاع ؟
، لما يعش أفراد الأسرة في منزل واحد ؟ ، لما يجتمع كافة أفراد الأسرة معا في بيت واحد ؟ ، وجمعتهم سويا ، ولما الأولاد في غرفة والبنات في غرفة ؟ ، والوالدين في غرفة ، لم نكن نشاهد حالات الانطواء ؟ ، قبل وحتى الكبار كانوا يباتون في غرفة واحدة وتناولهم لوجبة الغداء سويا ، وما هي فوائد العيش في " البيت العود " ؟ ، العادات والتقاليد الاجتماعية ، فالحفاظ علي البيت حفاظ على التراث وأيضا العادات والتقاليد ، وليس فقط البنيان العربي الكويتي
كما تعلمين جو الكويت حار جدا في فصل الصيف ، وفي هذا الشهر نتعب في تنظيف " الحوش " ، وقت تعرضنا للغبار ، فهو متعب كثيرا ، ولكن من شهر سبتمبر نقوم في تنظيف وتجهيز " الحوش " ، فالجو يكون جدا جميل ، وأتذكر بعام 1996 م ، تعرضنا لسقوط الأمطار الغزيرة ، ومما أتذكره أيضا حفل " اليلوة " وحفل زفافي بالإضافة للحفلات الأسرية وحفلات التخرج ، فقط الذي لم أفعله هو " الدزة " قبل " حفل زفافي " في " الفريج " ، في هذا البيت ولد أولادي ثلاثة أجيال جيل الوالد وجيلنا وجيل أولادنا ، ومنهم أخي الذي أصبح جد ، مرت أجيال وأجيال على هذا البيت سبحان الله ، ونولد الأحفاد وعاشوا فيه فأمر في غاية الصعوبة أن نتخذ هذا القرار ، صعب ان ينسى الفرد تاريخ ميلاده وذكريات عمره
أناشد المسؤولين والجهات الرسمية والديوان الأميري ، وكل شخص مسؤول أن يعمل المحافظة على " تراث الكويت " ، وكل فرد مسؤول بالمحافظة على " التراث الكويتي " وليس فقط " بيت الحسينان " بل " تراث الكويت " بشكل عام ، فهذه هوية المجتمع الكويتي الأصيل ، بعاداته وتقاليده ولغته ودينة ، فكما ترين اليوم اللغة واللهجة اندثرت وكذلك حال العادات والتقاليد تغيرت ، فعلى الأقل تترك هذه المباني ويتم المحافظة عليها ليراها الناس ، فحتي " سوق المباركية " للأسف دمر لم يتبقى شيء شاهدي " سوق الغربللي " جعلوه محلات " عطورات فرنسية " وهذا أمر أخبريني " وين يصير ؟ " ، لابد من المحافظة على هويتنا وتراثنا ، فالاحتلال ليس فقط احتلال بلد وإنما ما نعيشه اليوم أيضا غزو ... الخ .
" الجيران " ، هناك جزء منهم " المالك الأول " ، والجزء الآخر قاموا بشراء المنزل من أشخاص .
أبرار ملك
- باحثة ومؤرخة مختصة بشؤون المرأة الكويتية .
- abaramalk@gmail.com
هل أعجبك؟
شاركنا تقييمك
أضف تعليقك
جميع الحقوق محفوظة
2024 © دار الحكمة